قصة البداية الخاطئة ستقود لنهاية محتومة .

مرَّ خمس سنوات على ليلة طلاقي ، لكنها برأسي كأنها الأمس ، اعتقدْتُ كما يقال ، أنَّ الوقت سيمضي ، وسأنسى ما حصل ، لكنني لم أنسى ولن أنسى اليوم الذي أتتني به رسالة على الواتساب من فتاة كتبت لي :

أنا صديقة زوجك ، اعتني به فطوال الليل كنت أحادثه وهو متعب جداً، لكن لا تخبريه أني قلت لكِ ذلك .

كانت تلك الكلمة كالطََّلَ*قات النارية مزَّ*قت صدري ، شعرْتُ أنَّ أنفاسي ستنْقَ*طع ، كيف يحادثها طوال الليل ، وقد قال لي ، أريد الخلود إلى النوم ، اذهبي سنتكلم غداً ؟

لم أردَّ عليها بكلمة ، بل اتصلْتُ به على الفور، ودموعي تنهمر بصمت .

-اتصلَتْ بي صديقتك وتقول أنكما كنتما تتحدثان مع بعضكما طوال الليل .

بدأ بالتلعثم:

-ص ،ص، لماذا اتصلت بكِ ، أغلقي الآن سأتكلم معها .

تعالى صراخي حينها وبكائي بآن واحد :

-يا لوقاحتك يا رجل ، ستُكَلِّم حبيبتك وتقول لها لماذا كلَّمتي زوجتي ؟! تخونني من الآن ! ، انتظر أن يتم زفافنا على الأقل ، كشفك الله لي ، طلقني أيها الخائن ، حمداً لله أنني لم أترك أهلي وبلدي وأسافر إليك بعد .

أغلق الاتصال على الفور ولمدة نصف ساعة لم تتوقف دموعي لحظة ، كنت أبكي بحرقة ، كانت الآهات تخرج من صميم قلبي ، إلى أن اتصلَتْ بي صديقته مرات كثيرة ولأني لم أرد ، أرسَلَتْ لي رسالة على الواتساب كتبت بها :

-ألم أقل لكِ أن لا تخبري زوجكِ ؟ إنه منزعج مني كثيراً الآن بسببك .

أصابعي لم تستطع أن تتحرك لأكتب لها شتا*ئم لم ألفظها قط ، فحظرتها واتَّجَهْتُ لعناق وسادتي وإكمال بكائي لنصف ساعة أخرى ،اتصل كل دقيقة لكني لم أستطع الرد ، فلم يكن يخرج صوتي سوى بالصراخ والبكاء .

عاد أبي ولمحض الصدفة باكراً ، حتى أمي التي ذهبت زيارة لمنزل خالتي ، لم تكن تعلم بعودته .

ما إن فتح الباب حتى هرول نحوي .

-ابنتي ما بك؟! ماذا حصل ؟!

حاولتُ أن أقول السبب ، لكن صوتي لم يساعدني ، فاحتَضَنْتُهُ وأجهشْتُ بالبكاء ، لكن عندما رآني كيف قطعْتُ الاتصال على زوجي ورميتُ الهاتف جانباً ، عرف السبب ، فمسح دموعي وأمسك يدي واتجه بي نحو المغسلة ، ثم غسل وجهي وقال :

-ابنتي قوية ، ابنتي لا يُبكيها شيء ، ومهما حصل ثقي أنَّ أباكِ بجانبكِ ، والآن أخبريني ما حصل .

شعرتُ أنَّ إخباره بما حصل ، أشبه بأني أق*تل نفسي بِسُمٍّ بطيء ، ومن حينها بدأت رحلة معاناتي النفسية .……يتبع

الجزء الثاني البداية الخاطئة ستقود لنهاية محتومة:

بعد أن أخبرتُ أبي قال :

-لقد قلتُ في قرارة نفسي على الرغم من أنه شاب فقير الحال ، لكن أخلاقه حسنة وسيصونكِ ، لا أستطيع استيعاب ما قام به ، نحن عائلة محافظة بمجتمع محافظ ، لسنا في دولة أجنبية، لكن يبدو أنه تطبَّعَ بطباعهم بعد أن عاش معهم ، لكن كيف أخذَتْ رقمكِ منه ؟! والأنكى من ذلك أنها عربية .

صَمَتَ أبي للحظات ثم قال :

-اتصلي بأمكِ قولي لها أن تأتي بسرعة .

لم تمضي نصف ساعة حتى كانت بيننا ، وما إن سمعت ما حصل ، حتى قالت:

-اللع*نة عليه ، جهّزي نفسكِ وأنا سأتصل بأمي وأختي وعمته كي يلحَقْنَ بنا لمنزل أمه.

ما إن طرقنا الباب وفتحَتْ لنا ، حتى رأينا الارتباك يعلو وجهها بل إنها لم ترفَع ناظريها إلينا ، وهي تدعونا إلى الدخول .

ما إن جلسنا حتى قالت أمي :

-من الواضح يا أم أحمد أنَّ ملامحك توحي بأنَّ ابنكِ قد أخبركِ بما حصل .

وقبل أن تفتح فمها ، رُنَّ الجرس وكاد الباب أن يُكْ*سَر.

ما إن فتحت حماتي الباب ، حتى هرولت خالتي وجدَّتي وهما تقولان :

-لم نفهم سوى أنه كُشِفَ على حقيقته ، ما الأمر ؟!

نظَرَتْ أمي لحماتي التي لم ترفع ناظريها عن الأرض وهي تفرك يداها ببعضهما ، و قالت لها :

-أتتحدثي أنتِ أم أنا ؟!

ورنَّ الجرس ، فإذا بعمته بالباب ، وما إن رأتها أمي حتى بدأت بسرد ما حصل ، وعندما انتهت قالت لأمه :

-ما تعقيبكِ على فعل ابنك ؟!

بدأت بالتلعثم وهي تقول :

-إنها صديقته ، لا شيء مُحرَّم بينهما .

فانف*جرت أمي بوجهها :

حرَّم الله عليه الجنة ، تقولينَ صديقته وكأنها أخته من المحارم؟! ، ابنكِ على علاقة بامرأة أخرى ، والله وحده يعلم كيف أمضيا الليلة البارحة ، وهل هذه الليلة الأولى بينهما ، أم لهما ليالي سابقة ؟!

-لا أسمحُ لكِ ، ابني شريف وإن أخطأ ، فلا أحد معصوم عن الخطأ .

انتفضت أمي من مكانها ثم قالت :

-أنا اتصلت بأمي وأختي وأخت زوجك ، كي يَكُنَّ شاهدات على فعل ابنك ، والكلام الأخير لزوجي .عدنا إلى المنزل وانمسح من رأسي كل شيء إلا جملة حماتي الأخيرة ، لا أحد معصوم عن الخطأ.

ما إن دخلنا حتى قصَّت أمي لأبي كل ما حصل ، فقال أبي :

-كلامي في الغد سيكون مع أبيه ، وأنتِ لا تردي عليه بكلمة وأخبريني بكل ماسيقوله لكِ .

لكن مرَّ يوم كامل لم يرسل لي حرف واحد .

عاد في مساء اليوم التالي ، بعدما تحدَّث مع أبيه ، فسرد لنا قوله:

-ابني أخطأ ولا نستطيع أن ننكر ذلك، وهي زميلته في المصنع لا أكثر ، وكانا يتكلمان في تلك الليلة بمشكلات اعترضتهما في العمل ، وكان الحديث بمقاطع تسجيل صوتية ، أرسل لي ابني بعضها ، واستمرَّ الكلام بينهما ، بأنَّ ابني قد قال لها بأنه متعب من العمل خارج المنزل وداخله ، وينتظر بفارغ الصبر قدوم زوجته ، لكن من الواضح أنها استطاعت أخذ رقم ابنتكَ دون علمه ، وهو لأجل تصرفها ذاك ، قد قطع صلته بها ، فابني لا يزال يريد ابنتك.

صمت ابي للحظات ثم قال لي :

-ابنتي ، لا دليل مؤكد بين أيدينا ، ربما هو بريء ، وهي امرأة بلا أخلاق ، لكن إن تم زواجك به ، فالطلاق محرم عندي ، حتى وإن ثبتت خيانته بعد ذلك ، ستصبرين وتحتسبين ، أما إن رغبتِ بالطلاق سيتم الآن بلمح البصر، معكِ يومان أيام للتفكير لا أكثر ، وأنا أخبرت أبيه بذلك .

لم أستطع رفض العودة إليه أو الموافقة ، فأنا أحبه من صميم قلبي ، لا بل أعشق كل تفاصيله ، فكم دعوت الله أن يكون من نصيبي وكم خشيتُ أن يأتي يوم لا يكون فيه بحياتي ، لكني وبذات الوقت لم أستطع أن أتخيل أنه خائن ، ولم أستطع أن أستوعب أن تأتي ذات المرأة بيوم ما وتقول لي أحب زوجكِ .

لجأتُ إلى الصلاة والدعاء كثيراً في تلك الليلة ، كي أستطيع أخذ القرار الصائب ، وبلحظة أتتني رسالة ، فحلَّق قلبي فرحاً بأنه هو ، لكني صُعِقْتُ بأنها ذات المرأة كتبت لي من رقم آخر :

-عزيزتي ، زوجك يحبك كثيراً ، ويحبني أيضاً ، أنتِ فتاة صغيرة لم تتعلمي من تجارب الحياة بعد ، وأنا امرأة ناضجة ، وتأكدي بعد زواجكما سأزوركما كثيراً ، وربما أُشارككِ به.

أرسلت الرسالة مباشرة لزوجي ، فاتصل بي مرات كثيرة ، وعندما لم أجب أرسل رسالة مكتوبة قال بها:

-لقد كنت على علاقة معها أول سفري ، عندما تركنا بعضنا شهران آخر أيام خطوبتنا ، تعرفتُ إليها ، وأنتِ السبب ، تركتيني بسبب سوء فهم ، جعلتيني كالمجنون ،وعندما عدنا وأصبحتِ زوجتي مهدت لها أني سأنفصل عنها ، لكنها لم تستوعب كلامي فقد أحبتني من قلبها .

حينها أدركتُ أنه كاذب عندما أقنع أمه وأبيه أنَّ لاشيء بينهما ، وانقبض قلبي خوفاً من أن تكون العلاقة بينهما قد تعمَّقت ، وأن أعرف ذلك بعد فوات الأوان ، لكنه حينما اتصل مراراً وتكراراً وألَحَّ عليَّ بالإجابة عليه ، تذكرتُ جملة حماتي بأنَّ لا أحد معصوم عن الخطأ ، لكن عدت وقلت في قرارة نفسي:

-وإن عاد لتكرار الخطأ نفسه ، من سينقذني منه ، إن كان أبي المنقذ الوحيد قد أعلن انسحابه بعد ذلك .

لم أجد من نفسي سوى أن أخرج من غرفتي وأُري أبي رسالة زوجي وصديقته ، وما إن رآها أبي حتى قال :

-تبريرٌ لعلاقة محرمة ، ربما تعاد بعد الزواج مراراً عند أي مشكلة أو سوء فهم بينكما ، أنا لا أعطي ابنتي لشاب بلا أخلاق والطلاق سيتم غداً.

أخذ الهاتف مني كي لا يحاول الاتصال بي مرة أخرى ، وفي صباح اليوم التالي أحضر لي خطاً جديد ، وفي المساء أتى أبيه مع كاتب المحكمة كي يتم الطلاق ، وبعد أن تأكد أني تنازلتُ له عن كافة حقوقي ، قال : لقد طلقتها ثلاثاً.

دخلتُ في أزمة نفسية ثلاثة أشهر، فلم أستوعب أنًَ الشاب الذي عشقته ودعوت الله أن يكون من نصيبي ، طلقني قبل سفري إليه بخمسة عشر يوماً ، مما جعل والدي يقرر أن تتقدَّم زوجة صديقه لرؤيتي ، لعلَّ زواجي يتم بأسرع وقت ، وأنسى بذلك جرحي .

….يتبع

الجزء الأخير: البداية الخاطئة تقود لنهاية محتومة:

البداية الخاطئة تقود لنهاية محتومة:

شعرتُ أنَّ أيام خطبتي كانت أضغاث أحلام ،لم أشعر بها شيئاً فقد كان رجائي فقط ، أن أنسى بهذا الزواج طليقي ، واستمرَّ عدم إحساسي لبعد الزواج بثلاثة أشهر ، فقد صحوت من غيبوبتي فجأة وأنا أصرخ بكلمة طلقني ، لا أحبك ، تعرَّضتُ للتوبيخ من أبي كثيراً ، وللضر*ب من زوجي الذي لم يتوقف يوماً عن لوم والديه بأنهما السبب بزواجه من فتاة مطلقة ، فبات يشك بنظراتي وحركاتي ، وحاوطه الشك لدرجة أنه لم يرغب حتى أن ألقي التحية على أخيه ، فقد خشي أن أخو*نه مع أي شخص ينسيني طليقي كونه لم يستطع هو ذلك .

أيقنتُ حينها أنَّ معاناتي كلها كانت بسبب ما اقترفت يداي ، وأني كما خنتُ ثقة والداي ، فقد خانني حبيبي ، كوني ذهبتُ معه مراراً أيام الخطوبة للحديقة سراً ، وسمحتُ له بالاقتراب مني ولمس يدي ، فعاقبني الله على ذلك ، لتتطور معاناتي عندما وافقتُ على الزواج من رجل كي أنسى رجلاً آخر .

كنت أعلن الحداد كل سنة بليلة طلاقي ، فقد كان مظهري يبدو كمن توفي لها عزيز ، فلم يعد الندم يفارقني كوني لم أسامحه وأتمسَّكَ به وأقف بوجه العالم لأجله ، فأبقى ليالي أتذكر أيام الحب التي عشتها معه ، مما جعلني أمقت زوجي ويمقتني ، فنتشاجر على كل كلمة وردة فعل ، فيعلو صراخي، فيضر*بني ، فيزداد خصامنا أياماً أخرى .

حمدتُ الله بكل سنة تمضي أنني لم أحمل إطلاقاً ، وبعد أن قام بعرضي على أطباء ، لعلَّ حملي ينسيني حبي ، تبيَّن أنه استحالة أن أحمل ما لم تتحسَّن نفسيتي ، وبعد مضي خمس سنوات ضاق بي ذرعاً لكثرة المشاكل التي افتعلها ، فطلقني ، وكانت تلك الليلة من أسعد ليالي حياتي .

عدت لمنزل أهلي أنا وذكرياتي التي لم تفارقني يوماً ، وبعد مضي بضعة أشهر ، سمعت وبمحض الصدفة كلام أمي مع أبي :

-اتَّصلَت أم أحمد بي صباحاً ودعتني لاحتساء القهوة عصراً للحديث بأمر هام.

-اذهبي لنسمع ما تريد قوله.

مضت الساعات عليَّ ، كأنها سنوات ، إلى أن عادت أمي ، وبدون أن تتكلم معي ، ندهت لأبي ، فلم أجد سبيلاً إلا أن أسترق السمع :

-طليق ابنتنا ، قد طلَّق زوجته وهي ذاتها التي كان على علاقة بها أثناء زواجه بابنتا ، والسبب أنه سمعها وهي تتحدَّث مع رجل على الهاتف ، وبعد مراقبته لها تبيَّن له أنها تخ*ونه ، مما جعله يطلقها ، ويأخذ ابنته منها، ويعود للوطن وهو بمنزل عائلته منذ بضعة أشهر، وبالتحديد بعد طلاق ابنتنا ببضعة أيام ، ولأنَّ أمي لم تتوقف عن زيارة أم أحمد أخبرَتها أنَّ ابنتنا لم تنجب أطفال ولهذا السبب طلقها زوجها ، وهي تريد أن تخطبها لابنها .

تساقطت دموعي من الفرح ، وأنا أنتظر ردَّ أبي ، لكن حينما طال صمته ، انقبض قلبي خوفاً من أن يرفض ، فقال :

-أخبريهم أنَّ قدومهم مع ابنهم سيكون بعد يومين برفقة المأذون لعقد القران ، وليلة الزفاف بعد أسبوع ، غير ذلك لا بنات عندنا للخطبة .

حلَّقتُ فرحاً وبلحظة نسيت كل سنوات الحزن والدموع التي عشتها ، وكان يوم عقد قراني أروع يوم في حياتي ، نظرت له بطرف عيني ، بابتسامة ونظرة خجل ، وهو بالمقابل تجنَّب النظر إلي ، وبعد أن أصبحتُ زوجته قال أبي:

-مبارك لكما ، وممنوع أن تأخذا أرقام بعضكما ولن تَرَيا بعضكما البتَّة إلا بعد ليلة الزفاف

تعالت ضحكات الجميع إلا أنا وهو ، فقد كان الخجل يغلب علينا .

انتظرت ليلة الزفاف بفارغ الصبر ، إلى أن أتت الليلة التي كنت أظنها مستحيلة ، وباللحظة التي ارتديتُ بها الفستان الأبيض ، شعرت كأنَّ العالم قد خلا من الناس إلا أنا وهو ، وعاهدنا الله وأنفسنا بتلك الليلة ، أن لا نسمح لإنسان ولا لمشكلة أو سوء فهم ، أن يُبعدنا عن بعضنا ، أو حتى يحزن أحدنا من الآخر لأي سبب كان ، ونسينا بتلك الليلة كل ما مضى ، وعاهدته أن أضع ابنته بقلبي وتصبح غلاوتها عندي بغلاوته ، ولم تمضي بضعة أشهر حتى حملتُ، مما جعله يرعاني كأني طفلة صغيرة ، ليزداد فرحه عندما تبيَّنَ أني حامل بصبي ، ولدت ابني واكتملتْ لوحة السعادة التي طالما حلمت بها .

….انتهت القصة