ورثت من أبويا حتة ورقة فاضية، على عكس إخواتي اللي بدأ يوزع على كل واحد فيهم ورقة كان مكتوبله فيها نصيب من أملاك كتير سابها قبل وفاته كأنه كان حاسس إنه هيموت،
أو دا كان ظني وقتها، وبالرغم من كده مفيش ولا واحد فيهم كان فرحان بوصيته، واللي ماكنتش أعرف إيه اللي مكتوب فيها، وماقدرتش وقتها أعترض على أي حاجة قالها .
يمكن لأني أصغر واحد فيهم، أو لأنه ظالم، أو لسبب تالت ماحدش كان يعرفه غيره، لكنه كان كفيل إنه يغير حياتي للأبد .
فاكر إنه ماعداش يومين بعد وفاته إلا ولاقينا أخويا الكبير مشنوق في أوضته، والغريب إنه كان ماسك وصية والدي ليه كأنه خايف حد ياخدها منه، وبالرغم من بشاعة المنظر والمصيبة اللي كنا فيها إلا إن بقية اخواتي كان شغلهم الشاغل الوصية اللي في إيده مش طريقة موته البشعة ولا هو شخصياً كان فارق معاهم .
كنا إحنا الخمسة في الأوضة، أنا وسحر وأيمن، وحسام المشنوق، ووالدتي اللي كانت واقفة بعيد بترجف وبتردد كلام غريب مافهمتش منه كلمة .
– كل واحد فيكم حر في إختياره .. ممكن يقبل بورث وملك مابينتهيش، وممكن يعيش طبيعي زي أي بني آدم ويضطر يعافر عشان يوصل لجزء ضئيل جداً من الثروة دي، وممكن يختار التضحية زي ما أخوكم عمل عشان مقابل أكبر بكتير .
ماحدش عرف إنه انتحر غيرنا، وماحدش شاف اللي مكتوب في الورقة غير والدتي اللي طلبت مننا نقفل الموضوع ومانسألش عن أي حاجة، وبعدها دفنناه وحاولنا نتعايش مع كارثة فقدانه هو ووالدي لأقل من يومين، قبل ما نتفاجئ بكارثة ماتقلش عنها في أي حاجة .. سحر كانت مشنوقة في أوضتها بنفس الطريقة، وماسكة وصيتها في إيدها بنفس الطريقة اللي حسام كان ماسك وصيته بيها، لكن منظرها كان أبشع بكتير …
يتبع … ميراث مسموم جزء الثاني
ميراث مسموم الجزء الثاني والاخير
بعد كل الألغاز والمصايب دي كان لازم آخد موقف .. كان لازم أعرف اللي بيحصل، واللي تقريباً كلهم كانوا فاهمينه إلا أنا، خاصةً وإن إخواتي كانوا بدأوا يروحوا مني واحد ورا التاني ومن قبلهم والدي، وماكانش فاضل غيري أنا وأيمن ووالدتي .
لما شفت سحر بالمنظر ده جريت على الورقة اللي في إيدها قبل ما أفكر في موتها، وقبل ما والدتي تاخدها زي ورقة حسام وتخفي عننا اللي موجود فيها .. كان مكتوب فيها جملة غريبة مافهمتهاش ..
” نصيب سالم لسحر، وأيمن الضحية ” ، وفي ضهر الورقة كلمة واحدة بس، أو بالمعنى الأصح اسم مكتوب بالدم .. كان اسم أيمن أخويا .
لما شفتها اتجمدت في مكاني .. كنت متأكد إنه هو اللي عليه الدور، واتأكدت أكتر لما لاقيت والدتي بتبصله بخوف وهي بتردد :
– دي ضريبة إختيارك .. لازم تتحمل العواقب .
في نفس الليلة دي بعد دفنة سحر والدتي جتلي أوضتي ووشها أصفر، وقبل ما أسألها عن حقيقة كل المصايب اللي بتلاحقنا من يوم وفاة والدي اتكلِّمِت هي .. سألتني عن مكان وصية والدي ليا بإلحاح شديد رغم إنها مجرد ورقة فاضية .
قلتلها إني رميتها في درج مكتبي من يومها، وإنها مش وصية بل هي مجرد ورقة ملهاش قيمة ف بدأت تضحك بسخرية وكأني قلت نكتة .
– الورقة دي فيها مصيرك، واللي بتحدده بنفسك .. كل واحد من إخواتك حاول يجدد عهد والدك على حساب واحد من إخواته، زي ما والدك حاول من قبلهم يجدد عهده مع خادم من الجن بالتضحية بواحد فيكم، ودا كان السبب في موتهم .
– تقصدي إن الورقة دي مجرد إختبار وإن العهد دا مجرد كدبة ؟
– بالظبط .. إختبار فشل فيه التلاتة، واختاروا نفسهم على حساب أعز ما يملكوا، وبالتالي كانوا يستحقوا النهاية دي .
مجرد ما قالت الكام كلمة دول جريت على أوضة أيمن وأنا بسابق الزمن عشان ألحقه من كارثة حتمية .. كان بيصرخ بصوت واضح جداً قبل ما أوصل الأوضة، ودخان غريب خارج منها بالتزامن مع صرخاته قبل ما النور يختفي من الأوضة ومعاه صوته، وأتفاجئ بيه مشنوق بنفس الطريقة، ووصيته كان مكتوب فيه جملة مشابهة
لجملة سحر . نصيب سالم لأيمن، وعمر الضحية “
كان كاتب اسمي في الجملة دي بلون أحمر مختلف عن اللون اللي مكتوب بيه باقي الكلام، ونفس الاسم بخط واضح جداً في ضهر الورقة بنفس اللون .
وقتها رجعت أوضتي وأنا مش مستوعب إزاي ده حصل، خاصةً وإن الدور بقى عليا .. فضلت أدور على الوصية دي مكان ما سبتها، لكنها كانت اختفت، واختفت معاها والدتي، واللي بعد رحلة بحث يائسة سمعت صوتها بتندهلي، ومصدر الصوت كان قريب من أوضة أيمن .
لما رجعت لاقيتها هناك فعلاً .. ماسكة الورقة في إيدها وبتضحك بسخرية، وبعدها رمتها قدامي واختفت، والغريب إن الورقة ماكانتش فاضية المرادي رغم إني متأكد إني ماكتبتش فيها أي حاجة .
” نصيب سالم لعمر، وفاطمة (والدتي) الضحية “
دا كل اللي كان مكتوب فيها، واسم والدتي في ضهرها بنفس اللون الأحمر، واللي بمجرد ما شفته اكتشفت إن نفس الموضوع حصل مع إخواتي وماكانش من إختيارهم زي ما عرفت .
المكان بدأ يضلم بالتدريج، والدخان بدأ يملا المكان، ووالدتي بتقرب مني وهي ماسكة حبل وبتضحك قبل ما وشها وملامحها تتبدل لكائن بشع لا يمكن يكون هي بأي حال من الأحوال .. كانت بتبصلي بصات مريبة وهي بتهمس :
– والدك اختار والدتك وخان عهده معايا بعد ما اديته كل حاجة، عشان كده لازم كل اللي من نسله يدفع الضريبة زي ما هو دفعها، والدور عليك انت .. أقرب مما تتخيل .
فضلت تقرب مني وأنا بجري قدامها زي المجنون قبل ما تختفي من المكان والنور يرجع وأنا مش مستوعب أي حاجة، وبعد لحظات سمعت صوت جاي من أوضة والدتي، كأن حد بيصرخ أو بيستغيث، ودخان خارج من أوضتها .
كانت والدتي نفسها، مربوطة في أوضتها بحبال كتير، وملفوف حوالين بوقها قماشة عشان ماتطلعش صوت، وبالرغم من كده صوتها وصلني .. كانت بتستغيث بعد ما المسخ دا عمل فيها كده، وقبل ما أنطق بأي كلمة سألتني على الورقة، ودا اللي خلاني أشك في إنها المسخ نفسه قبل ما تأكدلي إنها والدتي الحقيقية بسر ماحدش يعرفه عني غيرها .
– نصحت أبوك كتير إنه يبعد عن الطريق ده لكنه ماسمعش كلامي ولا مرة، وبالتالي كان لازم نتوقع نتيجة زي دي .. لا يمكن علاقة بين إنس وجن تنتهي نهاية سعيدة إطلاقاً .
– مادام مشكلتها معاكي انتي ليه عملت كده في إخواتي ؟ ليه مابدأتش بيكي انتي مثلاً ؟
– أنا نهايتي جاية لا محالة، لكنها هتكون بشعة أكتر لو شفتكم بتروحوا قدام عيني واحد ورا التاني .. دا هدفها الرئيسي، وإلا كانت قتلتني أنا من البداية .
– يعني كده مفيش خلاص منها ؟
– فيه حل واحد .. لازم يكون معانا حاجة تخصها .. شعر، جلد، ضوافر .. سمعت والدك بيستخدم حاجات زي دي وهو بيقول طلاسم معينة لما كان بيحب يبعدها عنه .. محتاجين أي حاجة تخلينا ننهي عهد والدك معاها ونرتاح من شرها للأبد .
في اللحظة دي عقلي كان عاجز حرفياً عن التفكير .. كنت حاسس إني في كابوس أو اللي بيحصل دا مجرد هلوسات ليس إلا، وبعد رحلة تفكير طويلة ماجاش في بالي غير الورقة، واللون الأحمر اللي اسمي مكتوب بيه فيها .. شكيت إنه من دمها، وإنه ممكن يكون دا اللي محتاجينه بالظبط، ولما قلت لوالدتي اندهشت كأنها ماتوقعتش دا قبل كده، وطلبت مني أفك الحبال دي وأجيبلها ولاعة وقلم بسرعة .
ساعتها بدأت تكتب حاجات غريبة قبل ما النور يختفي تاني والدخان يظهر، ويظهر نفس المسخ دا من ورايا وهو بيلف الحبل حوالين رقبتي ويخنقني ووالدتي بتصرخ في وشه بكلام غريب في الوقت اللي كنت باخد فيه أنفاسي الأخيرة، لكن بمجرد ما بدأت تحرق الورقة كان المسخ دا بيتحول لرماد، وتنتهي معاه مأساة هي الأكبر في حياتي .
يمكن ساعتها اتخلصنا منها، لكننا ماقدرناش نشوف الحياة بعدها غير من الجانب اللي كانت عايزانا نشوفها منه .. الجانب الأبشع اللي هي اختارت نهايته، واللي كان من غير والدي وإخواتي التلاتة
انتهت القصة.