قبل قدوم العيد بأيام قليلة مثلي كمثل كل الآباء ذهبت للسوق لأبتاع ثياباً جديدة لابني الحبيب اخترت ما يحبه من ألوان ابني الحبيب كان يحب اللون السماوي! اشتريت له كنزة ذات لون سماوي جميل على بنطال ناصع البياض! ولم أنس أيضاً
أن أبتاع حذاءً على مقاس قدم ابني الحبيب!
قامت موظفة محل بيع الملابس بتوظيب تلك الملابس ووضعها في كيس اسود… فطلبت منها برفق استبداله بكيس لونه سماوي أيضاً…فوافقت مستغربة ولكنني أصررت على ذلك!
قمت بإكرامها ولم أقبل أن أخذ ما تبقى من ثمنها بعد الدفع وقلت لها…هي هدية من ابني الحبيب لك..فابتسمت وشكرتني أما أنا فغادرت…
غادرت المحل وعدت إلى بيتي فارغ اليدين!
سألتني زوجتي أين كنت…فاكتفيت بالصمت …وهي ربما قد اعتادت على مراسمي تلك قبل كل عيد….
مضت أيام وانتهى شهر رمضان وحان يوم العيد وانطلقت التكبيرات …
عدت من الجامع بعد تأدية صلاة العيد….وبدأت مجدداً بتلاوة جزء الأول من القرآن الكريم…فقد ختمتها ليلة أمس…
أنهيت تلاوة القرآن الكريم واستقبلتني زوجتي بابتسامة رضا وهي من عايدتني أولاً….
ونعم الزوجة هي!
قالت لي : كل عام وأنت بخير يا زوجي…
أما أنا فهذه المرة لم اكتف بالصمت بل قلت لها : وأنتِ بخير أيضاً…
ومن ثم بدأ نهار العيد الحقيقي…فاستقبلنا ورحبنا جيراننا بكل محبة وسرور…كلهم قد أتوا ومضوا سريعا خفافا كخفة الفراشات بين الزهور…
بيد أن طفلا منهم قد كسرني….يا إلهي مالذي أراه!!!
إنه يلبس نفس الثياب التي اشتريتها لابني الحبيب!! بل أكاد أجزم أنها هي!!!
ما زال الطفل ينتظرني أن أقدم له سكاكر العيد!
ماذا أفعل! هل أركز ناظري في عينيه البريئتين ! أم اركز ناظري في ملابسه!!!
اختلطت مشاعري وتفجرت براكين في داخلي!!!
لاحظت زوجتي وقوفي متسمراً في مكاني…فما كان منها إلا أن قدمت السكاكر بدلاً عني للطفل!!!
أما أنا فلم ألحظ نفسي الا وقد تركت كل شيء ولحقت بالطفل وسألته ابن من أنت!!! فقال ببراءة طفل خائفا :أنا ابن أبي…
قلت نعم لكن ما اسمه! فقال لي إسمه!!
فعرفته فوراً…..ثم قالت لي زوجتي : مالك تسأل الطفل عن أبيه ؟!
فجاوبتها : لا يهم..لا يهم…
كيف لا يهم…..أنها ذات الملابس التي اخترتها لابني الحبيب!!! يا الله ماذا يجري !
لم أتمالك نفسي …أسرعت إلى والد الطفل لأعايده! فما الغريب من زيارتي له لأعايده كما أعايد أي جار لي!!!
لاحظت عليه الحرج حتى بالكاد رد علي السلام!
سألته: ما الأمر! لم أنت محرج مني؟!
فقال: سامحني
قلت له : اسامحك؟على ماذا ؟
فقال: كنت أعلم أنك ستأخذ الثياب للمقبرة كما كل عام وستلق بها على قبر ابنك رحمه الله!!! وانا من شدّة فقري اخذت تلك الثياب..فلا مال لي لأسعد ابني بشراء اي ثياب له!!!
أرجوك سامحني!!!