قصص واقعية كما تزرع سينبت

قصة واقعية كما تزرع سينبت أجبَرَها والدها على تَرْكِ الدّراسة وهي في عمر الزهور ،وعلى الرَّغم من محاولاتِ أمها إقناعهُ بالسماح لها بإنهاء تعليمها ، لكن اعتقادَهُ كان راسخاً برأسهِ كما علَّمَهُ أبيه ، بأنَّ الفتاة لا تصلح في الحياة إلا كزوجة ، فباتَ بكل مرة يقول لها:

-لقد زوَّجَكِ أبيكِ مني وأنتِ في عمر ابنتك ،وجَعَلْتُكِ تعيشين حياة كريمة لا ينقصك شيء ، غيرَ أنَّ كل شيء تطلبيه تناليه.

ومن ذلك اليوم ، بدَأَت تغرس في عقل ابنتها ، أنْ تكون ستراً على زوجها ، لا تفضَح أفعاله مهما كانت سيئة ، بل تدعو له بالهداية ، وأن تكونَ كالإسفنج تمتَصُّ غضبهُ ، وتكون السبب في سعادته وراحته ، ومهما أساءَ لها لا تُبادره إلا بالإحسان ، غير أنها علَّمَتْها مهنة الخياطة كما علَّمَتْها إياها أمها، وكانت نيَّتها أن تكون لابنتها معيلاً إنْ لم يصونها زوجها كنيَّة أمها عندما عَرِفَتْها لاحقاً ، لكنها قالت لابنتها كما قالت لها أمها آنذاك :

-اجعلي مهنة الخياطة كواردٍ ثانٍ في حالِ وقع زوجك بضائقة مادية أو وعكة صحية ، واحتاج مساعدتك.

تعَلَّمَتْ الفتاة المهنةَ بشغف ، وأصبح حلمها الوحيد أن تحظى بحياة زوجية هانئة ، ببيت صغير وزوج حنون ، يُكَرّس حياته بحب لزوجته وأولاده.

وافقَ أبيها على أول عريس دقَّ بابها ؛ حَّداد يكبرها بضع سنوات ، فكان بنظره مناسبٌ بالعمر لابنته ، ولديه مهنة يستطيع أن يُعيلَ عائلته من خلالها ، فجعل الزفاف يتمُّ بعد بضعة أسابيع فقط ، كونه لا يحب الخطوبة الطويلة التي لا تعود سوى بالسمعة السيئة على الفتاة .

مضى شهرٌ بعدَ زواجها عاشَتْهُ كما حلمَتْ ، لحين أتى زوجها ليلاً ، يتَرَنًَحُ من تناول المشروبات الخ*مر وهو يقول بأعلى صوته :

-اعتَقَدَ والدايَ أني بزواجي سأُقْلِعُ عن المشروب ، لا فرحة تُضاهي تأثير المشروبات الكح*ولية أيها الحمقى.

كان كلامه كالصاعقة أصابَتْها من رأسها لأخمصِ قدميها ، فوقَفَتْ كالتّمثال لا تقوى على الحراك والنطق ، وهي تنظرُ لخطواته التي لم ترَ أحداً بحياتها يمشي كمثيلها ، وحين كاد أن يقع ، هرولَت إليه كي تُسانده ، فضَرَبها كَفَّاً جعل الشرار يتطاير من عينيها ثم قال:

-لستُ عاجزاً أيتها الحمقاء حتى تساعديني على المسير .

ثم رمى بنفسه على الكنبة ، وغطَّ في نوم عميق ، وجلسَتْ تبكي بحرقة على حظّها ، وترتعشُ خوفاً من الأيام السوداء التي تنتظرها .

….يُتَّبَع

الجزء الثاني: كما تزرع سينبت

في ظهر اليوم التالي ، استيقظَ زوجها ورأى خدَّها أحمراً ، فعانقها وبدأ بسيل من كلمات الاعتذار :

-سامحيني أرجوك لم أكن بوعيي،أرجوكِ لا تقتربي مني إطلاقاً عندما تريني بهذا الوضع.

صُعِقَتْ لكلامه ، وحمَدَت الله أنَّ ضربه لها كانَ عن غير قصد ، فابتسمت ثم قالت له:

-لا عليك .

انسحبت لتحضر له الغداء ، وتركته يرتعش خوفاً من ردها ، فقد خَشِيَ أنَّ هدوءها هو هدوء ماقبل العاصفة ، وأنها سَتُخْبِرُ أهلها ، وتكسر صورته ووعده لأهله ، بإقلاعه عن المشروب بعد الزواج ، لكنها لم تنسى كلام أمها يوماً ، بأن تكون ستراً على زوجها ولا تفضح أفعاله مهما كانت سيئة ، بل تدعو له بالهداية .

تجَنَّب زوجها العودة إلى المنزل مترنّحاً أياماً ، كي يمهلها وقتاً تنسى فيه ما حدث ولا تخبر أحداً ، وعندما زارا عائلتيهما ولم تخبرهم ، شعر بالاطمئنان حينها ، وشعرت أن دعائها قد اسْتُجيب ، لكنه عاد مرات متتالية ، وهو يترنّح ويصرخ بصوت عالٍ:

-لن أترك المشروب أيها الحمقى .

بكل مرة كانت تركض وتختبئ خشية من أن يراها ويضربها ، واستمرَّ على ذلك الحال لسنة كاملة ، فقالت في قرارة نفسها:

-من الواضح أنه لن يتوقف عن ذلك ، ومن المؤكد أنَّ صحته ستسوء عاجلاً أم آجلاً ، ويجب أن أبدأ بالعمل من الآن ، حتى لا أنسى ما تعلَّمته من أمي ، وأطوّر مهاراتي ، وأكسب زبونات وسمعة جيدة بعالم الخياطة.

عاد زوجها ذات يومٍ بدون أن يحتسي المشروب فقالت له عن رغبتها في العمل ، فصمت بضع دقائق وهو يفكر بكلامها ، ثم خشي أن يرفض فتستغل رفضه لصالحها وتقوم بفضحه، فقال لها:

-لا مانع عندي ، ما دامَ عملك سيكون مقتصراً على رؤيتكِ للنساء فقط .

حلَّق قلبها بأرجاء صدرها فرحاً ، ثم أخْبَرَت أمها عن رغبتها بالعمل ، فسَعِدَتْ كثيراً ، ووضعَتْ خبراً عند النساء اللواتي يَدْفَعْنَ نقوداً كثيرة على الملابس التي يَأخذوها من الخيّاطات، وبعد مضي بضعة أشهر أصبحت سمعتها جيدة جداً ، كونها صغيرة بالسن ، ولديها أفكاراً لتصاميم جميلة ، فأخْبَرَت أم زوجها بذلك ، فَحَلَّقَتْ فرحاً وأخذت إليها نساءاً يُجَرّبْنَ تصاميمها ، فأصبحت شهرتها واسعة لحين فوجِئَتْ بحملها ، مما جعل زوجها يُحَلّقُ فرحاً ثم قال لها:

-ممنوع لأم ابني أنْ تعمل من الآن فصاعداً.

على الرغم من حزنها الشديد لتركها العمل ، لكنها فَرِحَتْ كثيراً عندما قال لها:

-وأنا من الآن فصاعداً، لن أحتسي المشروب إطلاقاً لأجل ابني البطل .

أيْقَنَت آنذاك أنَّ حلمها قد تحقق ودعائها قد استُجيب بالفعل ، لكنها لم تكن تعلم أن الحزن لم ينتهي في حياتها.

الجزء الثالث: كما تزرع سينبت

مضت بضعة أشهر عاشت فيها كأنها ملكة ، فقد أفاضَ عليها من الرعاية والاهتمام لحدٍّ لم تتوقعه قط ، لحين أخذها إلى الطبيبة كي يَطْمَئِنَّ على وضع أميره الصغير ، لكن عندما عَرِفَ أنّه بانتظار أميرته الصغيرة ، خاب أمله وشعر كأنَّ الطبيبة أعطته صفعةً على وجهه ، فقال لها :

-من المؤكد أنكِ ثَمِلَة ، أعيدي النظر بهذا الجهاز اللعين .

طَرَدَته بدون أن تُدلي بكلمة ، فأمسَكَ يد زوجته بقوة ، وعاد إلى المنزل ، وما إن أدخلها حتى بدأ بالصراخ :

-ماهو الذنب الذي اقْتَرَفْتُه حتى اُبتَلى بفتاة ، لماذا كُتِبَ عليَّ أن أحمل الهم لآخر حياتي ؟!

خرج مسرعاً ، ومَضَتْ بضع ساعات عاشَتْها بأعصاب مشدودة وأيقَنَتْ أنَّهُ سيعود في المساء مخموراً لا قدرة له على السير ، وكان يقينها صائباً ، فقد دخل وهو يصرخ قائلاً:

-سأشرب الخ*مور لآخر حياتي ، كي أنسى الهم الذي سيأتي بعد أربعة أشهر.

اختبَأَت بغرفتها خشية أن يراها ويضربها ضرباً يودي بحياتها ، لكنه وكالمعتاد ألقى بنفسه فوق الكنبة وغطَّ في نوم عميق ، واستمرَّ على ذلك الحال حتى بعد ولادتها بأشهر ، فلم تُحَرّك رؤية ابنته أي أحاسيس لديه وكأنها مُتَبَنّاة ، لدرجة أنه لم يحملها إلا أمام أهليهما ، وهي لم تُخبِر أحداً بذلك كما زرَعَت أمها بعقلها ، و استمرَّت بالدعاء له بأن يُقْلِعَ عن المشروب ، ويحمل ابنته بين ذراعيه بحب .

عندما أتَمَّتْ ابنتهما السنة ، طلبت من زوجها أن تعود إلى العمل كالسابق ، فوافقَ بدون أن يَكتَرِثَ أو يعارض لأي سبب فقد قال :

-افعلي ما يحلو لك ِ

عاد اسمها يلمع في عالم الخياطة ، واستمرَّتْ بِتَجَنّب زوجها بشكل يومي عندما يعود ثَمِلاً كل ليلة ، إلى أن مَضَتْ بضع سنين ، فَكَّرَت بها كثيراً لو تنجب ذكراً لزوجها لعلها تخرجه من حالة السُكْر، لكنها خافت من أن تُرزَق بفتاة أخرى تجعل زوجها يُجَن ويقوم بضربهن جميعاً .

عندما أصبحت ابنتها شابة ، حاول أبيها تحريض زوجها على جعلها تترك الدراسة ، لكنها ولأول مرة في حياتها ردَّت بوجه أبيها قائلة:

-إنْ فتحت ذلك الكلام مع زوجي مرة أخرى لن تراني طيلة حياتك.

شعرت بتلك اللحظة أنَّ الذي جعلها تأخذ موقفاً أمام أبيها هو استقلاليتها المادية ، فقررت أن تترجى زوجها وتحاول إقناعه بشتى الطرق كما فعلت أمها لعله يسمح لابنته بالدراسة،خشية ألا تصبح ابنتها ماهرة بالخياطة مثلها ، لكنها فوجِئَت برده عندما قال :

-إن كنتِ أنتِ التي ستصرفين على دراستها فلا مانع عندي ، لأنَّ الذي يزيد من النقود التي أجنيها بالكاد يكفيني لشراء المشروبات الكح*ولية ، وأنا برأيي دراستها ستكون أفضل لي، كي تعطني نقوداً عندما تعمل ، وتردَّ لي ما صرفته عليها .

بتلك اللحظة سمعت ابنتها قول أبيها، فازداد كرهها الذي أخفته سنين عندما كانت ترى أمها خائفة بكل مرة يدخل فيها المنزل مترنّحاً ، فتحتَضِنُها وتطلب منها الجلوس قربها وعدم الحركة كي لايراها أبيها ؛ فتوعَّدَت بسرّها أنها ستفضحه وتكشف المستور الذي سَعَت أمها إخفاءه طيلة حياتها معه.

……يُتَّبع

الجزء الرابع: كما تزرع سينبت

قرَّرَت ابنتها انتهازَ الفرصة المناسبة كي تفضحَ أباها ،وتنتظر الوقت الذي ستخبر به والدَيه ، وتحطّم صورته أمامهما ، وعندما حان الوقت المناسب حاولت أن تبدأ حواراً مع جدتها تستطيع من خلاله أن ترشق الكلام بوجهها وتدّعي عدم القصد ، فقالت لها :

-كيف أمضى أبي شبابه مع جدِّي ، أقصد كيفَ كانت العلاقة بينهما؟!

فتَنَهَّدَتْ جدتها وسرحت بخيالها بعيداً وهي تسترجع الماضي بابتسامة مكسورة:

-جدّكِ يا عزيزتي كانت تربطه بأبيك علاقة صداقة ،لحين انعزل وحيداً وأصبح يحتسي الخ*مر كل ليلة ، وعلى الرغم من ذلك ، لم يُخطِئ معي ولا مع أبيكِ مرّة واحدة ، فقد كان مكسوراً بسبب صدمته من أعز أصدقائه الذي نصب عليه نقوداً قد ادَّخرها طيلة شبابه ، كي يؤمن مستقبل أبيكِ ، وكانَ تأثير ذلك الإدمانِ عليه ، بأنه أصيب بسكتة قلبية مفاجئة، فلم يحتمل أبيكِ فراقه ومن حينها أصبح يحتسي المشروب كأبيه .

كادت جفونها أن تتمزّق مما سَمِعَت فقالت :

-ماذا تقولين؟! إنَّ جدي على قيد الحياة ، الذي هو زوجك ويناديه أبي ، بأبي.

-إنه زوجي لكنه ليسَ أبا أبيكِ ، بل هو عمُّ أبيكِ ، أي أنَّ زوجي يكون بالنسبة لأبيكِ أخا أبيه، فعندما توفي أبيه ، عَرَضَ الزواج عليَّ لعله يستطيع أن يَرْدَعَ ابن أخيه عن المشروب ، إنْ عاشَ معه بمنزل واحد ،وحيثُ أنه كبير العائلة ، كانَ أبيكِ منذ صغره يناديه بأبي ، ومع الأسف زاده زواجي من عمه حزناً ونهماً للخمور.

اغْرَوْرَقَتْ عينا الابنة بالدموع ، واعتصر فؤادها الندم عن نيتها التي كانت تجاه أبيها ، وعندما خانتها دمعتها وسقطت عنوة عنها ، احْتَضَنَتها الجدة وقبَّلَتْ جبينها ثم قالت:

-لا تبكي يا عزيزتي، فعندما زوَّجناه أمكِ ، ذهب حزنه وتغيَّر ، بدليل أنه سمح لها أن تخبرني كي أُحضِر لها زبائن أكثر ،مع أنه كان رافضاً لفكرة عمل زوجته، وكان ذلك أكثر شيء أسعدني بحياتي بعد خبر إقلاعه عن الشرب.

عادت من السوق بتلك اللحظة، وسَمِعَت قول أم زوجها ، فارتعش قلبها خوفاً من أن تكون ابنتها قدْ أفشَت سرَّ أبيها، فهرولت والدموع تغمر عينيها ، ثم قالت لابنتها:

-ساعديني ، كي نحضر طبقاً من الفاكهة لجدتك.

وما إن دخَلَتا المطبخ حتى قالت لابنتها:

-أرجوكِ قولي أنكِ لم تخبري جدتك شيئاً.

عانَقَت أمها وسقَطَت دموعها ، ثم قالت:

-أمي ، كم أنكِ عظيمة .

-عزيزتي سنتكلم بعد ذهاب جدتك.

وما إن ذهبَتْ ، حتى قالت لابنتها:

-ابنتي ، إنَّ أباكِ لم يستطع الخروج من الحالة المأساوية التي عاشها بفقدان أبيه لحين أصبح الخ*مر جزءاً من حياته ، لكنْ يجب أن تعرفي أنَّ أبيكِ يحبك ، ولهذا السبب وافق أن تدرسي كي تقفي على قدميكِ ولا تحتاجي أحداً ،إنْ فارق الحياة فجأة كأبيه ، وهذا بحدّ ذاته أصدق حب ، فلم يفعل كأبي الذي لم يهتم لمستقبلي وقَرَّر تزويجي حتى بدون أن يضع احتمالاً أنَّ حياتي ربما ستكون جحيماً لا يُطاق .

حوَّلَت تلك الكلمات بلحظة كل الكره الذي كان بقلب ابنتها، لحب مضاعف نحو أبيها ، فقالت لأمها:

-اطمئني لن أخبر أحداً ،وسأدعو لأبي معكِ بالهداية ، وأدرس ليلاً ونهار كي أصل لأعلى المراتب وأكون معيلاً لكما.

مَضَت بضع سنين وحال زوجها لم يتغير البتة ، إلى أن أُصيبَ بألم جعله يصرخ بآهات خرجت من قلبه ، فاضطرت لنقله إلى المشفى وكانت الفاجعة .

….يُتَّبع

الجزء الأخير كما تزرع سينبت

أُصيبَ زوجها بتلف الكبد ، جراء الإفراط في احتساء المش*روبات الكح*ولية ، فأصبحت حياته في خطر ولا أمل لنجاته إلا أن

يتبرّع له أحد بجزء من كبده ، أو يؤخذ له كبد من إنسان متوفي ، ولأنَّ احتمالية إيجاده من إنسان قد فارق الحياة ضئيلة جدا ً ، نصحها الطبيب أن تجد متبرعاً بأسرع وقت ، فقالت له بدون تردد:

-أنا سأتبرع ، حتى لو مت وأنا بالعمليات لا أبالي ، يجب أن أنقذه ، وسأوقّع لك على كلامي بأني أنا المسؤولة في حال تعرَّضْتُ لأي أذى ،لكن أرجوك قم بالتحاليل لإجراء العملية، ولا تُخبر أحداً عن السبب الحقيقي لتلف الكبد .

احترم الطبيب رغبتها ، وأخبرها أنه سيقول لأي أحد يسأله عن السبب ، بأنَّ تلف الكبد كان بسبب الالتهاب المزمن فيه وعدم العلاج ، وبعد مضي بضعة أيام ظهرت نتيجة التحاليل ، وكانت إيجابية بامتياز ، وعندما أخبرَهُ الطبيب بذلك ، تساقطَت دموعه وقَبَّل يديها قائلاً:

-نِعْمَ الزوجة والأم ، إنك صالحة، تربية امرأة صالحة ، وأنا الآن لو مت سأكون مرتاح البال ومطمئناً على ابنتي، لكن إن كان لي عمر أعيشه معكما ، سأعوّضكما عن كل تلك السنين ، وسأقلع عن المشروب لآخر حياتي.

تساقطت دموعها ودموع ابنتها ، التي هرولت وعانقت أبيها وقبَّلت جبينه ويديه بحرارة وهي تقول :

-لن تمت أبي ، صدّقني ستحيا معنا أجمل حياة.

دخلا إلى غرفة العمليات ، والخوف يتمَلَّك قلوب الجميع ، وأدعيتهم لم تتوقف لحظة ، إلى أن خرج الطبيب قائلاً:

-لقد تمَّت العملية بنجاح ، لكليهما .

تساقطت دموعهم فرحاً وحمدوا الله على كرمه ، وعندما تَحَسًَن حالهما ، تمّ تخريجمها لمنزلمها ، وبقيت الوالدتان بضعة أيام معهما ، وما إن استعادا صحتهما ، حتى أقامتا ولائم دَعَتا عليها كل الأقارب .

عندما عاد الهدوء لمنزلها كالسابق ، بدأت حياة جديدة مع زوجها بعد أن تبدَّل كلياً ، فقد أصبح رومانسياً يحضر القهوة للسرير بشكل يومي ، ولا يكف عن مغازلتها صباحاً ومساء ، عدا الهدايا والنزه الإسبوعية ، غيرَ معاملته الجديدة لابنته فقد أصبح لها أكثر من صديق بتفهّمه وحواره معها ، ولا يسمح لها بالذهاب إلى الجامعة قبل أن تتناول الفطور الذي يُعدّه بيديه يومياً.

تحقَّق حلمها بأن تحيا مع زوج حنون ببيت صغير وحب كبير، مما جعلها ترغب بأن تُزيد عائلتها فرداً آخر، فَرُزِقَت بتوأم جعلا زوجها يُحَلّق فرحاً ، وترك تسميتهما لابنته التي لم تتردد لحظة بتسمية الصبي على اسم جدها المتوفي والبنت على اسم أم أمها ، كونها كانت ترى أنَّ تربيتها ونصائحها لأمها هي السبب بتبدّل حالهم ، وقَرَّرت أن تسير على نهجها وأنْ تُربّي ابنتها كذلك.

انتهت القصة.

للمزيد من القصص واقعية