قصة عن الغيرة
يُحكى أنَّهُ كانَتْ توجدُ زوجةٌ تُعاني من عدم الإحساسِ بالغيرةِ تجاهَ زوجها ، على الرَّغمِ من أنَّه طليقُ اللسانِ مع النساءِ ، لا تَسْلَمُ امرأةٌ من مُجاملاتهِ واطراءاتِه ، فقد كانَ يُحاولُ جاهداً أن يُحيي ذلكَ الشعورَ الميتَ بداخلها .
بعد أنْ باءَتْ محاولاته بالفشل ، وقبْلَ أن يستسلم ، قابَلَتْهُ امرأةٌ بعمله كما يُقالُ عنها ” أنَّ قطارَ الزواجِ قد فاتَها ” ، فَرَأَتْ
به الطائرةَ التي ستُلحِقَها بالقطار ، أُعْجِبَتْ بِخِفَّةِ ظِلّهِ ، وانتقاءِه لكلماتِ الإطراءِ والمجاملة ، فعَرَضَتْ عليهِ الزواجَ بدون أن تُكَلّفَهُ أيَّ شيء ، فلم يَعُدْ أحدٌ يتقدمُ لها ، بعدَ أنْ رَفَضَتْ كلَّ من تَقَدَّمَ لخطبَتِها ، لاعتقادها أنهم يطمعونَ بمالها الذي وَرِثَتْهُ عن أبيها ، كَوْنَها متوسطةَ الجمالِ، فأصبَحَتْ تُريدُ رجلاً لو كانت زوجةً رابعةً له .
وافقَ بدونِ تَردُّد ، لأنهُ رأى أنَّ فرصةَ جعلِ زوجته تغارُ عليهِ قد وصَلَت إليه بدون أي عناء ، وبعدَ أنْ تَمَّ الزواج، أخذَ زوجته الثانية لتُقابل الأولى ، ووقف أمامها بكل فخر واعتزاز، قائلاً:
-هذه زوجتي الثانية والأخيرة ، ولم يسبق لها الزواج ، هل ستشْعُرينَ بالغيرةِ منها أم يجبُ أن أزيدَ عليها واحدةً أخرى؟!.
حاوَلَت تمالك نفسها ، واحتباس دموعها ، لكن سقطَتْ بضع قطراتٍ رغماً عنها، ولم تُبالي بوجودِ زوجته ، ثم قالت له :
-لقدْ كنتُ أثقُ بكَ وبإخلاصكَ ، مما جعلني لا أرى داعٍ للغيرةِ عليك ، وإنْ كنتَ تعتقدُ أنكَ السلطان الذي ستشُنُّ نساؤه حرباً لأجلِ امتلاكه ، فأنتَ مُخطِئ ، فلن أتغيَّرَ لأجلك ، بل سألتقي برجل يُقدّر الثقة ويكونَ أهلاً لها .
ثم غادرَت المنزلَ بعدَ أن طلبَت الطلاق ، وعلى الرغم من أنه حاول جاهداً أن يُعَرقِلَ ذلك ، لكنها حصلَتْ على الطلاق في نهاية المطاف ، وتزوَّجَتْ رجلاً قَدَّرَ ثقتها وتَعَلَّقَ بها، بعد أن عانى من غيرةِ زوجتهِ السابقة ، لوسامتهِ وامكانياتهِ المادية المرتفعة ، فطلَّقها لأنه كانَ يرى أنَّ الغيرةَ تعني الشك والشك يعني أنه خائن ، فلم يحتملْ فكرةَ أن يعيشَ مع امرأة ٍ تخشى خيانَتَهُ لها بأي لحظة.
أما طليقها فقد أمضى بضعَ سنواتٍ يتحَسَّرُ على أيامها بعد أن عاشَ مع زوجته الثانية التي لا تتوقَّفُ عن الشَّكِ حتى بنظراتِه ، وملاحَقَتِهِ لمكانِ عمله ، خشيةَ أنْ يتعرَّفَ على غيرها كما تعرَّفَ عليها ، فقد فَرِحَتْ بطلاقِ زوجتهِ وأحَبَّت أنْ تبقى امرأةً وحيدةً له ، وبعدَ أن زادَت تضييق الخناقِ عليه؛ طَلَّقها وأمضى بقيةَ حياتهِ عازباً